مقطع من برنامج اسئلة وشيء من اجوبة 23
الشيخ الغزّي
--------------------------------
www.alqamar.tv
www.almawaddah.be
---------------------------------
https://www.almawaddah.be/program/%D8%A7%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%B4%D9%8A%D8%A1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%AD23-%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%8A%D9%84%D8%B9%D8%A8-%D9%88%D9%8A%D9%84%D9%87%D9%88
---------------------------------
المعصومُ أتحدَّثُ عن مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ صلواتُ اللّهِ عليهم، المعصومُ لا ينفعلُ بالنَّجاسة، لا تؤثـﱢـرُ النَّجاسةُ فيه، تستغربونَ من ذلك!! الماءُ الكثيرُ لا ينفعلُ بالنَّجاسة، وماذا يُقالُ لَهُ في الاصطلاحاتِ الدﱢينيَّة؟ يُقالُ لهُ من أنَّهُ ماءٌ مُعتَصِمٌ، ما هو الماءُ الـمُعتَصِم؟ هو الماءُ الكثيرُ الَّذي لا ينفعِلُ بالنَّجاسة كماء النَّهرِ مثلاً، كماء المطر الغزير، الماءُ الكثير، تُصدﱢقونَ هذا وتقبلونَهُ، ولا تقبلونَ هذا للإمام المعصومِ الَّذي هُو أصلُ الطهارةِ في الوجود؟!
في سورةِ الفرقان، الآيةِ الثامنةِ والأربعين بعدَ البسملة: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرﱢيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً - لِماذا أنزلناهُ؟ - لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً﴾، الأنَاسِيُّ هُم النَّاس، إذاً هذا الماء الطهورُ لحاجةِ هؤلاء، لِماذا قِيلَ لَهُ بأنَّهُ طهورٌ؟ ماءُ المطرِ وُصِفَ بهذا الوصف لِماذا هو طهورٌ لِماذا هذا الماء جاء وصفهُ بالطَّهوريَّة؟ طهور فعُول، وفعول صيغةُ مُبالغة، الماءُ حينما يكونُ طاهراً فهُو طاهر، هو طاهرٌ إذا لم يكن طاهراً فإنَّهُ نجس ولا توجدُ مراتبُ في الطهارةِ الماديَّة، المراتبُ موجودةٌ في الطهارةِ المعنويَّة، في طهارة الأرواح، في طهارة القُلُوب، في طهارة النُّفُوس هُناكَ المراتبُ الكثيرةُ الَّتي لها أوَّلُ وليسَ لها آخر، الطهارةُ الماديَّةُ هي مرتبةٌ واحدة؛ الماء إمَّا أن يكونَ طاهراً وإمَّا أن يكونَ نجساً وانتهينا، فلِماذا جاء وصفهُ بأنَّهُ طَهُورٌ؟ طَهُورٌ يعني طاهراً وطاهراً وطاهراً هذا هو المراد من الطهور هُناكَ مُضاعفةٌ في الطهارة..
المراتبُ في الطهارةِ المعنويَّة فما معنى الطهوريَّةِ هُنا؟
النَّظرُ إلى هاتين الحيثيّتين؛
- إلى الحيثيَّةِ الأولى: مِن أنَّ الماء يُطهِّرُ غَيرَهُ ويُطهِّرُ نَفسَهُ.
- والحيثيَّةُ الثانية: مِن أنَّ الماء الكثيرَ لا ينفعِلُ بالنَّجاسة لا تؤثـﱢـرُ النَّجاسةُ عليه.
من هُنا جاءت طهوريَّةُ الماء وكُلُّ هذا لأجلِ هذهِ الغايات: ﴿لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً﴾، هذا الكلامُ تقبلونهُ في أنَّ الماء لا ينفعِلُ بالنَّجاسةِ، وما قيمةُ الماءِ إذا أردنا أن نُقايسهُ بالمعصومِ صلواتُ اللّهِ وسلامهُ عليه؟! نحنُ نُخاطِبهُم في الزﱢيارةِ الجامعةِ الكبيرة: (وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُم)، فكيفَ ينفعِلُ المعصومُ حينئذٍ بالنَّجاسة وقد ذلَّت النَّجاسةُ لهُ؟!
آيةُ التطهيرِ واضحةٌ في هذا المعنى، الآيةُ الثالثةُ والثلاثون بعدَ البسملةِ من سورة الأحزاب: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرﱢجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهـﱢـرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، دَقـﱢـقوا النَّظرَ في أنَّ الماء وُصِفَ بأنَّهُ طهورٌ يعني أنَّهُ طاهرٌ وطاهر، الطاهرُ الأولى معروفةٌ، الطاهرُ الثانية أشرتُ إليها من أنَّ الماء يُطهـﱢـرُ غيرَهُ ويُطهـﱢـرُ نفسَهُ ومن أنَّهُ في حالةِ كثرتهِ لا ينفعِلُ بالنَّجاسة حينما تُلاقيه النَّجاسة، الآيةُ هُنا تقول: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرﱢجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾، هذا الرﱢجسُ كيفَ نعرفهُ؟
في سورةِ التوبة، الآيةِ الخامسةِ والعشرين بعدَ المئة: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾، هذا الرﱢجسُ المعنوي، الآيةُ واضحةٌ في هذا، أمراضُ القُلُوبِ معنويَّةٌ وليست ماديَّةً، نحنُ لا نتحدَّثُ عن القلبِ الَّذي هو عضلةٌ في الصدر، نحنُ نتحدَّثُ عن القلب الَّذي هو مركزُ الإدراك ومركزُ العواطفِ ومركزُ الوجدان، الآيةُ تتحدَّثُ عن الرﱢجسِ بِكُلﱢ معانيه، هذا نوعٌ من أنواع الرﱢجس، وماذا بعد؟
في سورةِ المائدة، الآيةِ التسعين بعدَ البسملةِ والَّتي بعدَها: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مـﱢـنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۞إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾، الآيةُ هُنا تتحدَّثُ عن رجسٍ مُشتركٍ ما بينَ الرﱢجس المادّي والرﱢجس المعنوي:
الخمرُ جهةٌ فيهِ رجسٌ ماديٌّ مادَّةٌ نجسة، وجهةٌ فيهِ رجسٌ معنويٌّ، والميسرُ كذلكَ رِجسٌ ماديٌّ ومعنويٌّ، والأنصابُ كذلك ما يُذبَحُ على الأنصابِ لغيرِ اللّه، والأزلامُ كذلك نوعٌ من أنواع المقامرةِ في العصر الجاهلي بخصوص الذبائح، فهذهِ العناوين فيها جنبةٌ رجسيَّةٌ ماديَّةٌ، وفيها جنبةٌ رجسيَّةٌ معنويَّةٌ، هذا صِنفٌ آخر من أصناف الرﱢجس..